الأحد 16 فبراير 2025 - 12:22
رقم : 3711
إيران تلکس - لبنان منذ سنوات عديدة تحول إلى واجهة لعرض سياسات وقوة دول غرب آسيا، وساحة لتنافسها. كل دولة من الدول البارزة في هذه المنطقة، اعتماداً على مدى قوتها ونجاحها في ممارسة السياسة، تتواجد على الساحة السياسية اللبنانية وتفرض وجودها على منافسيها. الحكومة اللبنانية، بسبب ضعفها الهيكلي الجدي، مضطرة للتكيف مع وضع القوة في غرب آسيا والرقص على أنغام الدولة (أو الدول) الأكثر قوة!
على أيّ لحنٍ يرقص لبنان؟
الانتصار الحاسم لحزب الله في حرب الـ 33 يومًا ونجاحه في احتواء الأزمة السورية عام 2018، أدى إلى رفع مكانة وموقع الحزب وحليفه الرئيسي، إيران، في لبنان، وتراجع مكانة منافسيه (الجبهة الأمريكية الصهيونية المكونة من السعوديين والکیان الصهيوني وغيرها). وقد رضخت الحكومة اللبنانية في ذلك الوقت لهذه الهيمنة.

أحداث معركة حزب الله الأخيرة مع الکیان الصهيوني وقبول حزب الله بقرار وقف إطلاق النار رقم 1701، وكذلك وقاحة الکیان الصهيوني في آخر هجوم له على إيران وعدم رد بلدنا على هذا الهجوم، أدت إلى تغيير التوازن في الساحة السياسية اللبنانية وتقليل مكانة ومنزلة المقاومة وإيران في الساحة السياسية اللبنانية.

هذا الأمر أدى في المقام الأول إلى انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء يتعارضان مع آراء وأطر المقاومة، وفي المرحلة الثانية، إلى بدء تحركات معارضة للمقاومة وداعمها، إيران، من قبل الحكومة اللبنانية.

يواصل الکیان الصهيوني، بحرية كاملة ودون مراعاة لبنود وقف إطلاق النار، عملياته العسكرية والأمنية في جنوب لبنان. وكان آخر إجراء اتخذه هذا الکیان الغاصب هو هجوم بطائرة مسيرة على سيارة مدنية مجهولة في النبطية اللبنانية.

حزب الله يتعرض لضغوط مركبة من عدة جهات. سقوط نظام بشار الأسد، قضى على خط دعم محور المقاومة سوريا والعراق مع لبنان بشكل كامل، كما أن الکیان الصهيوني، مع إضعاف ملحوظ للقوة العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان، اكتسب زمام مبادرة أكبر على الجبهة الشمالية.

بعد بدء وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، تخلى حزب الله عن المقاومة المسلحة بشكل كامل ولم يرد على الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار من قبل جیش العدو. كما قام الشيعة في جنوب لبنان بمقاومة شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي في القرى الحدودية. ربما هذا هو ما يُفترض أن يعيش فيه حزب الله، مقاومة شعبية وسياسية كاملة.

بدء الإجراءات ضد محور المقاومة من قبل الحكومة اللبنانية الحالية (تفتيش طائرة ماهان وركابها بذريعة نقل أموال لحزب الله، ومنع الرحلات الجوية الإيرانية إلى بيروت في الأيام الأخيرة) كانت أمورًا طبيعية ومتوقعة، وفي حالة استمرار الوضع الحالي في المنطقة، سنشهد بلا شك زيادة في الضغوط من قبل الحكومة اللبنانية على حزب الله وإيران.

في الواقع، مع إقدام الحكومة اللبنانية على وقف الرحلات الجوية الإيرانية، تكتمل أحجية الحصار الكامل لحزب الله. لبنان الجديد أضعف من ذي قبل، وتغيير ميزان القوى في المنطقة جعل الحكومة اللبنانية تواجه تهديدات أكثر جدية على حدودها مع سوريا وفلسطين المحتلة.

هذه التطورات جعلت بيروت تعيد النظر في أمنها القومي، واتخذت إجراءات أكثر صراحة ضد إيران. ترى الذهنية اللبنانية مصالحها الوطنية في تعاون عميق مع جامعة الدول العربية ومواكبة الخطط الغربية. هذه هي نفسها الآثار الخفية لتغيير التوازن في المنطقة التي لا تستطيع الكلمات الجميلة من قبل قیادات المقاومة في ایران ولبنان تغييرها.

الطريقة الوحيدة لتغيير سلوك الحكومة اللبنانية الحالية مع جبهة المقاومة، وعلى رأسه إيران، هي إظهار الاقتدار على الساحة الحقيقية (رد قوي ورادع على عدوان الکیان الصهيوني على بلدنا، واتخاذ سياسات مقتدرة من قبل حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مواجهة الغرب والکیان الصهيوني).

في حالة تحقق هذه العملية ورؤية الاقتدار في سلوكيات الحكومة الإيرانية، سنشهد تغييرًا في سلوك الحكومة اللبنانية وعودة إيران وحزب الله إلى مكانة متفوقة على الساحة اللبنانية.

خلاف ذلك، فإن تحركات مثل إجراء مناورات مختلفة من قبل إيران وحضور أنصار حزب الله الشعبيين في شوارع بيروت لن يكون لها تأثير جدي على المواقف الحالية للحكومة اللبنانية، بل ستؤدي إلى وقاحة وجدية هذه الحكومة في التعامل مع محور المقاومة بشكل أسوأ!
 
 
https://www.irantelex.ir/ar/article/3711/
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني

أحدث العناوين
الأكثر قراءة