طهران (إيران تلكس) - إن الاتفاق التاريخي بين إيران والسعودية الذي جرى التوصل إليه بعد مفاوضات طويلة، والذي كان من أعظم الأحداث السياسية في العالم، يحتاج إلى تقييم عميق وسرد صحيح لهذه البيئة السياسية الجديدة.
وبناءً على سلسلة من المعايير والمؤشرات الإقليمية، توصل كل من إيران والسعودية إلى نتيجة مفادها أن الصراعات والمآزق السياسية المتأثرة بتنافس هاتين القوتين في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، لا يوجد أفق واضح لمواصلة التوترات والوصول إلى تلك النقطة، وهي في الأساس ليست نقطة مواتية لمواصلة التوترات.
كما أن الجذور الأساسية لسياسات أمريكا في منطقة غرب آسيا هي استمرار الصراع والمواجهة والحروب، ولقد جعلت أمريكا السعودية تتحمل تكاليف غريبة للغاية بسبب رهابها من إيران.
صُممت معادلة الخوف من إيران لدى الأمريكيين بحيث يجد السعوديون اعتمادًا سياسيًا وأمنيًا دائمًا على الولايات المتحدة وقد حولوا الساسة السعوديين إلى أدوات دمى تحت ذريعة تهديدات إيران.
واستطاع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إخراج السعودية من سيناريو للأمريكيين وتحديد مصالحه بمتغيرات جديدة، وتصحيح العقلية في السعودية من الاعتماد على أمريكا بنسبة 100٪.
وتُظهر العلاقات المتوازنة مع القوى الشرقية، واختيار سياسة مستقلة في منظمة أوبك والاتفاق مع إيران السياسة الذكية للسعوديين لمنع الاستعمار الناعم للولايات المتحدة على أمن وسياسة واقتصاد المملكة والدول العربية في الخليج الفارسي.
وأن التغيير في السياسة الخارجية للسعوديين ملحوظ للغاية، فلم يكن أمام السعوديين طريقة أخرى لكبح النفوذ الأمريكي في السعودية سوى التحدث مع إيران وزيادة العلاقات مع القوى الشرقية.
كما كانت إيران في أمس الحاجة إلى هذه الاتفاقية لإنهاء خطة أمريكا المعادية لإيران في المنطقة وجعل وجودها في المنطقة عديم الجدوى بحجة مواجهة تهديد إيران وحماية عرب الخليج والخروج من العزلة.
ويواجه النصف الشرقي من الكرة الأرضية متغيرًا جديدًا يسمى الحزام والطريق (الحرير)، وقد خلقت الممرات القائمة على إدارة الجغرافيا معلمة جديدة للسلطة في أوراسيا.
هذه المنطقة هي محور اهتمام اللاعبين الإقليميين لمستقبل التجارة والممرات.
وستلعب جغرافيا إيران، التي تربط بسلاسة مثلث القوقاز وآسيا الوسطى ودول الخليج وبحر عمان، دورًا مهمًا للغاية في ترتيب القوة في نصف الكرة الشرقي.
ومن أجل الوصول إلى السوق الأوروآسيوي ونقل الطاقة إلى هذه المناطق، لا شك أن الدول العربية بحاجة إلى جغرافية إيران.
ويبحث السعوديون في جدوى خط السكة الحديد بين المملكة العربية السعودية والكويت والعراق وإيران من أجل التمكن من الاتصال بالشبكة التجارية الجديدة التي يتابعها الصينيون.
وتتمثل الرؤية طويلة المدى للسعوديين في بداية علاقاتهم مع إيران في تقليل التبعيات وتقليل دور الولايات المتحدة في أمن وسياسة السعودية وإصلاح سياسة الأحادية في العلاقات مع الولايات المتحدة، و تطوير العلاقات مع الصين وروسيا وغيرهما، وتستند هذه الاستراتيجية على أنها تأتي من إصلاح عقلية السعوديين في القضايا الإقليمية والدولية.