طهران (إيران تلكس) - بعد الزيارة التي قام بها سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق الى القاهرة ولقائه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تحدثت وسائل اعلام عربية عن وجود وساطة عمانية لتطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران، واوردت صحيفة الشرق الاوسط نقلا عن مصادر مصرية ان الرئيس المصري رحب في اجتماع حضره قادة المخابرات والجيش، بمقترح سلطان عمان لرفع مستوى العلاقات مع ايران.
الموقف الصريح لسماحة قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي لدى استقباله سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق، فيما يخص العلاقات مع مصر، أيد وجود بوادر لبدء تطبيع العلاقات بين طهران والقاهرة والمقطوعة منذ 44 عاما حينما قطعت ايران علاقاتها مع مصر بعد معاهدة كمب ديفيد وايواء انور السادات للشاه المخلوع.
وبقيت العلاقات الايرانية المصرية على حالها اثر الموقف الداعم للقاهرة للديكتاتور العراقي المعدوم صدام حسين في الحرب التي شنها على ايران وارسال قوات مصرية داعمة للجيش العراقي ، لكن بعد اول لقاء جمع رئيسي البلدين في عام 2003 في سويسرا بدأ ذوبان الجليد في العلاقات الى حد ما.
وجرى لقائين آخرين بين رئيسي الجمهورية الايراني والمصري في القاهرة وطهران ، كما زار امين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني ووزير الخارجية الايراني القاهرة ، لكن هذه اللقاءات لم تسفر عن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين الى السفارات، والسؤال المطروح الآن هو لماذا يبدي المصريون رغبة في تحسين العلاقات مع ايران؟
يمكن النظر الى هذه القضية من عدة زوايا ، اولها ان تأزم العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم يكن مستبعدا بعد مجيء الادارة الديمقراطية في واشنطن الى سدة الحكم ودعمها التقليدي لجماعة الاخوان المسلمين، فواشنطن قلصت المساعدات السنوية لمصر بمقدار 400 مليون دولار تحت ذريعة حقوق الانسان وهذا اثار غضب العسكر في مصر.
وفي المقابل لا يريد المصريون وضع كل بيض سياستهم الخارجية في السلة الاميركية والغربية، وهم اختاروا التقارب مع روسيا والصين اكثر مما مضى، وفي هذا السياق ادعت الوثائق المهربة من البنتاغون ان مصر ارسلت اسلحة الى روسيا بالتزامن مع الحرب الاوكرانية، وهذا أثار السخط في واشنطن.
اما الزاوية الثانية ، فهي الفتور الحاصل في العلاقات المصرية السعودية في الشهور الاخيرة، اثر تراجع الرياض عن وعود استثمار 10 مليارات دولار في مصر بذريعة تدخل الجيش المصري في اقتصاد البلاد، وبالتزامن مع ذلك شنت بعض الوجوه المقربة من البلاط السعودي حملة انتقادات لاذعة للحكم في مصر وطالبت باصلاحات سياسية واقتصادية.
كان واضحا ان اميركا والسعودية حالتا دون تحسين العلاقات المصرية الايرانية بعد سقوط نظام حسني مبارك ، تحت ذريعة ان اعادة هذه العلاقات ستخل بموازين القوى في المنطقة ، وقد احجمت مصر عن تعزيز علاقاتها مع ايران تحت ذرائع امنية لكن السبب الرئيسي كان حاجة مصر الشديدة للدعم المالي الاميركي والسعودي، لكن بعد التحسن الحاصل في العلاقات السعودية الايرانية، اصبحت مصر تفكر جديا بالتقارب مع ايران.
اما السؤال الآخر المطروح هو " ما مصلحة مصر من التقارب مع ايران وماذا ستكسب القاهرة ؟" ، وهناك من يجيب بأنه من الناحية الاقتصادية فان مصر تريد من تحسين علاقاتها مع ايران ، تسهيل نشاط شركات المقاولة المصرية في العراق وسوريا ، فالقاهرة تامل في تذليل العقبات امام مشروع نقل النفط من البصرة الى مصر ، وفي سوريا ايضا ينوي المصريون التواجد النشط في مرحلة اعادة الاعمار ولديهم مشاريع في هذا المجال، لكنهم يعتقدون بأن استمرار البرود في العلاقات مع طهران سيصعب من تواجدهم الاقتصادي في سوريا.
اما ايران فانها تولي الاهمية للمصلحة السياسية الناجمة عن تطبيع العلاقات مع مصر ، والامر يندرج في اطار سياسة الجوار التي تتبعها الحكومة الايرانية الحالية ، حيث يمكن ان يشكل هذا ثالث نجاح تسجله السياسة الخارجية الايرانية بعد الانضمام لمنظمة شانغهاي واحياء العلاقات مع السعودية.
ويكتسب الامر اهمية في مرحلة تحسن العلاقات الايرانية مع الجوار ، مع السعي لتخفيف وطأة الضغوط السياسية والاقتصادية الاميركية ضد ايران وافشال الخطط الغربية لتركيع طهران عبر فرض الحصار السياسي والاقتصادي.
وفي الحقيقة وضع الغرب كل ثقله خلال العامين الاخيرين على فرض العزلة على ايران لكي يستطيع حشر ايران في الزاوية في مفاوضات احياء الاتفاق النووي، لانتزاع النقاط منها، لكن ايران تسعى لتغيير الاوضاع عبر المبادرات الاقليمية.