شهادةٌ يجب أن تذكّر كل متسائل ومبغض أو متسائل محبّ للجمهورية الإسلامية في إيران، عن ماهية غيابها العسكري المباشر في معركة طوفان الأقصى، بأن الصواريخ والأسلحة والذخائر التي كان يوصلها اللواء موسوي الى جبهات المقاومة، هي التي ضربت وما تزال، الكيان المؤقت وداعمته أمريكا في هذه المعركة وفي غيرها من المعارك، وهي التي ستستمر في ضربهم حتى زوال الكيان، وخروج أمريكا العسكري النهائي من منطقة غرب آسيا.
فما هي أبرز وأهم المحطات والمعلومات والأسرار حول مسيرة اللواء موسوي الجهادية المقاومة التي كشفها للخنادق رفيق جهاد الشهيد؟
أ) في الآونة الأخيرة، مع اشتداد مراحل معركة طوفان الأقصى، زادت وتيرة نقل الأسلحة النوعية من إيران باتجاه لبنان تحديداً، لذا حاول الإسرائيليون بشتى الوسائل الضغط على اللواء موسوي، لإيقاف عمليات الشحن والنقل هذه، لكن محاولاتهم باءت بالفشل دائماً.
ب) تولى الشهيد مهامه في سوريا منذ العام 1993، وكانت مأموريته هناك لمدة أسبوعين فقط، لكن المأمورية امتدت حتى تاريخ استشهاده، أي بعد 30 عاماً. فكان بحق: المؤمن المجاهد الذي قضى عمره في خدمة محور المقاومة.
مرّت على الشهيد بضع سنوات خلال هذه الفترة، لم يلتقِ فيها بعائلته في إيران. وفي إحدى المرّات التي ذهب فيها الى الجمهورية الإسلامية، اتصل به الموساد عبر هاتفه الإيراني ليهددوه ويتوعّدوه ويمنعوه من العودة، وقالوا له حرفياً "سنقتلك إن عدت الى سوريا"، لكنه لم يكترث بهم وبتهديداتهم.
ج) كان على علاقة مميزة بالمقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله وبقادتها، وفي مقدمتهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي كان يحبّه ويقدّره كثيراً، حتى أن السيد نصر الله كان يصرّ على قيادة حرس الثورة الإسلامية دائماً بأن يستمر اللواء موسوي في تولي هذه المهمة.
د) كان على علاقة مميزة بالشهيد الفريق قاسم سليماني، وكان مفضلاً بشكل خاص لدى الحاج قاسم، وكان يتمنى دائمًا أن يستشهد عشية الذكرى السنوية لاستشهاد القائد سليماني.
وقد أشار مصدر آخر، إلى أنه كان على علاقة وثيقة أيضاً بعائلة الحاج قاسم، بحيث كان أحد الأشخاص الذين اتصلت بهم كريمة الحاج قاسم زينب للاطمئنان على والدها (بعد لحظات من استشهاده)، وكانت تناديه بصفة العم.
ه) لعب دوراً كبيراً في دعم وتمكين محور المقاومة، لا سيما في ساحتي لبنان وسوريا.
و) تعرّض لعشرات محاولات الاغتيال، أصيب مرتين خلالها. ومنذ فترة وجيزة لا سيما مع بداية معركة طوفان الأقصى كان يقول لمرافقيه ابتعدوا عني كي لا تقتلوا معي، حيث كان يشعر بأنه سيستشهد، وبالفعل استشهد وحده، واصيب أحد مرافقيه وهو بعيد عنه اصابات طفيفة.
ز) لم تقتصر جهوده في الدعم على الشق العسكري فقط، بل كان يهتمّ كثيراً بدعم الشعب السوري خاصةً من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، عبر توزيع المساعدات الغذائية والوقود وغيره من الاحتياجات الحيوية.
ح) كان على معرفة كبيرة بأسماء شوارع وحارات منطقة الشام، وكان يتقن التحدّث باللغة العربية.
_كان من الذين التحقوا بجبهات القتال خلال مرحلة الدفاع المقدس، وقادوا المقاتلين من زنجان ضد جيش صدام حسين في معارك عديدة.
_ شارك في العديد من المعارك في حرب الدفاع عن سوريا 2011، مثل معركتي تحرير البادية وريف دمشق، وكان من ضمن الصامدين الذين صدوا هجوم الإرهابيين غربي حلب.
_ إحدى محاولات اغتياله كانت عندما اغتيل الشهيد القائد مصطفى بدر الدين، حيث كان الشهيد في مكتبه، لكن السيد رضي لم يكن هناك حينها.
_ زعمت بعض وسائل الإعلام بأنه كان مسؤول الوحدة 2000 التابعة لقوة القدس، والمسؤولة عن الدعم المالي واللوجستي لحركات محور المقاومة في سوريا ولبنان والعراق. كما أن هذه الوحدة هي المسؤولة عن استلام الأسلحة والمعدات القادمة من إيران إلى سوريا، وكذلك تخزينها، ومسؤولة عن إدارة ممتلكات قوات الدعم لحزب الله، وعن مرافقة واستضافة كبار المسؤولين الإيرانيين وعائلاتهم عند الوصول إلى سوريا، وتتولى التنسيق مع الجهات المختصة، وتقوم بتوفير الاستشارات للدولة السورية.
_ منذ مدّة ذكرته القناة الـ 14 العبرية بالاسم، واحداً من أبرز قادة قوة القدس في سوريا، وهو ما اعتبر حينها إشارة قوية على قرب تنفيذ عملية جديدة لاغتياله. أمّا القناة 12 العبرية فوصفته بأكبر ضابط في حرس الثورة يُغتال منذ سليماني. بينما زعم موقع إنتلي تايمز الإسرائيلي بأن الشهيد موسوي كان يُعتبر خبيراً في شؤون القوات الخاصة.
الجانب الروحي
_ بالرغم من موقعيته، تميّز اللواء موسوي بالتواضع الدائم خلال أدائه لمهامه وحتى في حياته العادية، فكان من بين خدام حسينية "أعظم" في زنجان لسنوات عديدة.
_ كان مثابراً جداً ويعمل ليلاً ونهاراً، كما كان شخصًا لا يعرف الخوف، ويشبه إلى حد كبير الحاج قاسم في العمل الكثير. كما كان يتمتع بروح طيبة ولطيفًا مع جنوده، وفي الوقت نفسه جديًا للغاية في عمله، والجدية في العمل هي القضية الأولى بالنسبة له. وينقل رفيق الجهاد ان الشهيد موسوي كان أيضا يمتلك روح الدعابة.
_ خلال عملية ترميم مقام السيدة رقية (ع) في دمشق، كان يزور الضريح بشكل شبه يومي ويتابع كل تفصيل صغير وكبير، وكان كثير الاهتمام بأحوال العمال واحداً واحداً، حتى انّه كان يصرف من ماله الخاص في الكثير من الأحيان من اجل تسريع عملية الترميم، وهو الذي أدى دوراً كبيراً في ترميم هذا المقام من آثار العدوان الإرهابي.
_ خلال الزلزال الكبير الذي حصل في تركيا وسوريا مطلع العام 2023، والذي أدى إلى أضرار كبيرة في بعض مناطق سوريا، ساعد السيد رضي موسوي المتضررين من الزلزال في سوريا كثيراً، بالرغم من أن ذلك لم يكن أي من ذلك من واجبه، ولكنه كان رائداً في عمل الخير، وكان يفعل ذلك بكل إخلاص.
_ ذكر الشهيد في أحد الوثائقيات عن الشهيد الفريق قاسم سليماني أنه قال له ممازحاً قبل صعوده إلى الطائرة التي نقلته من سوريا الى العراق قبل استشهاده (أي الحاج قاسم): "سيد رضي انت أيضًا كبرت (ختيرت) ولازم تستشهد". فأجابه السيد رضي: "الله يسمع منّك". مضيفاً: "لم أتوقف عن ارتداء السواد لأن الحاج قاسم وعدني بالشهادة".
السفير الايراني في دمشق حسين أكبري يروي تفاصيل عملية الاغتيال
وقد روى سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق حسين أكبري بعض التفاصيل عن عملية الاغتيال قائلاً:
_ كان الشهيد موسوي في السفارة الساعة 2 بعد الظهر، وبعد إنهاء عمله فيها ذهب إلى منزله (يقع منزله في ريف دمشق بمنطقة السيدة زينب، وكان يتألف من مبنيين، فكان اللواء موسوي يتخذ المبنى الأصغر كمكان للإقامة بينما الآخر لعائلته وطاقم حمايته). وفي الساعة 4:10 عصراً تم استهدافه بـ 3 صواريخ اسرائيلية أدّت إلى استشهاده، حيث كان لوحده في البيت، فيما كانت زوجته ما تزال في المدرسة التي تعمل فيها كمعلمة.
_النظام الصهيوني ارتكب هذا الاعتداء الجبان على مستشار عسكري ايراني موجود في سوريا بصفة رسمية؛ وهذا انتهاك للمواثيق والقوانين الدولية؛ وبالتالي إيران حتما سترد على هذا العدوان، وهي تحتفظ لنفسها بحق الرد في المكان والزمان المناسبين.
_هذه الجريمة هي موقف انفعالي وردة فعل جنونية من الصهاينة للهروب من أزمتهم الداخلية؛ ولتعويض بعض الخسائر نتيجة الفشل والهزائم التي يتكبدها هذا الكيان الغاصب في العدوان على غزة.
_هذه المرة الثانية التي يستهدف فيها الكيان الصهيوني المستشارين العسكريين الايرانيين في سوريا.
_ أعلن السفير أكبري بأن الشهيد موسوي كان "دبلوماسيا" و"مستشارا ثانيا" للسفارة.
ردود الفعل على خبر الاستشهاد
_ بعد ساعات من الاغتيال، أكد حرس الثورة الإسلامية في بيان له، على أن "النظام الصهيوني الغاصب والهمجي سيدفع ثمن هذه الجريمة".
_ اعتبر رئيس الجمهورية الإسلامية السيد إبراهيم رئيسي الإجراء الإسرائيلي هو علامة على الإحباط والعجز، مؤكداّ على أن حكومة الكيان "ستدفع بالتأكيد ثمن هذه الجريمة".
_ وصف حزب الله الشهيد بالأخ العزيز، معتبراً عملية الاغتيال جريمة واعتداءً صارخًا ووقحًا وتجاوزًا للحدود، كما بيّن الحزب بأن الشهيد كان من "خيرة الأخوة الذين عملوا على دعم المقاومة الإسلامية في لبنان لعشرات السنوات من عمره الشريف، متفانياً في خدمة المقاومة ومجاهديها وهو رفيق السلاح والدرب للقائد الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني رحمهما الله تعالى".
_ أصدرت العديد من الجهات في محور المقاومة بيانات تعزية وتبريك بشهادته، وفي مقدمتهم حركة أنصار الله في اليمن وحركة النجباء في العراق وحركة حماس في فلسطين. كما أدى الجيش السوري عبر وفد من قيادته واجب العزاء في السفارة الإيرانية بدمشق.
__ وصفته حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في بيان نعيها بـ"الداعم لقوى المقاومة، والمُساند للشعب الفلسطيني، والوفيّ لفلسطين والقدس".
_ لم يصدر تعليق فوري من كيان الاحتلال على عملية الاغتيال، لكن الصحفي باراك رافيد، مراسل موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي، نقل عن مسؤول إسرائيلي لم يذكر اسمه قوله بأن إسرائيل تستعد للانتقام الذي قد يشمل إطلاق صواريخ من سوريا ولبنان.