عالم بحريني لـ"فارس": إرث الإمام الخميني لا يزال يؤثر في الأفكار والحركات في العالم
طهران (إيران تلكس) - أكد رئيس دائرة الحريات الدينية في منظمة السلام البحرينية عباس شبر أن الإمام الخميني (قدس سره) استطاع أن يخترق حدود الزمان والمكان، ويترك أثرًا عظيمًا على تاريخ العالم بأسره، بعبقرية رؤيته وتصميمه الثابت على تحقيق العدالة والحرية بحيث إرثه الثقافي والسياسي لا يزال يؤثر في الأفكار والحركات في العالم، ويُسهم في تحقيق العدالة والتغيير الإيجابي.
وأوضح رئيس دائرة الحريات الدينية في منظمة السلام البحرينية في حديث لوكالة أنباء فارس بمناسبة ذكرى رحيل الإمام الخميني طاب ثراه: بعد مرور 34 سنة على رحيل الإمام الخميني (رحمه الله)، يظل له تأثير واضح على المجتمع الإسلامي والشيعي على وجه الخصوص، ويمارس تأثيرًا واسعًا على العالم المستضعف بشكل عام. يُعتبر الإمام الخميني رمزًا مؤسسًا للثورة الإسلامية، التي تُساند المستضعفين في العالم بغض النظر عن دياناتهم وانتماءاتهم؛ رؤية الإمام الخميني تتركز على دعم ومساندة المستضعفين والتضامن معهم كونهم ضحايا القوى الكبرى والمستكبِرة. يُعتبر هذا الدعم واجبًا دينيًا وأخلاقيًا يجب على المؤمنين تحقيقه. يُرى شعار المستضعفين في الأرض كرمز للمقاومة ضد الظلم والقمع، ويتطلب السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية والتحرر من الاستعباد.
كما أشار هذا العالم البحريني الى الرؤية الدينية لدى الامام الخميني الراحل، قائلا: في إطار رؤيته الدينية، يشدد الإمام (رضوان الله عليه) على أهمية وجود حكومة إسلامية تستند إلى الشرع الإسلامي وتتحكم في شؤون البلاد، وهو ما يُعرف بمفهوم ولاية الفقيه. يعتبر هذا المفهوم وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وحماية حقوق الفقراء والمظلومين. وقد تجسدت هذه الرؤية في تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران.
وأكمل بالقول: شكلت رؤية الإمام الخميني (قدس سره) تحولاً ملفتاً في الرؤية الفقهية لدى الكثير من الفقهاء وخصوصاً مع تطبيق هذه النظرية على أرض الواقع بعد أن بقيت هذه النظرية - ولاية الفقيه- في متون الكتب سنوات طويلة ولذلك، يستمر تأثيره في أن يكون مصدر إلهام وتوجيه للمسلمين والناشطين الاجتماعيين والسياسيين في جميع أنحاء العالم وتظل قيمه ومبادئه الإنسانية والعدالة الاجتماعية جزءًا حيويًا من فكره ومنهج حياة لمريديه، الذين يسعون لتطبيق هذه القيم والمبادئ ونشرها في مجتمعاتهم.
ومضى عباس شبر: بصفة عامة، يستمر تأثير الإمام الخميني (رضوان الله عليه) وفكره في أن يكون مصدر إلهام وتوجيه للمسلمين والناشطين الاجتماعيين والسياسيين في جميع أنحاء العالم وتظل مبادئ الإنسانية والعدالة الاجتماعية جزءًا حيويًا من فكره ومنهج حياة لمريديه، الذين يحاولون تطبيقها ونشرها في مجتمعاتهم.
وفي معرض رده عن عدم اختصاص الإمام الخميني بالشعب و الأمة الإيرانية بحيث استطاع أن يترك أثرا عظيما على تاريخ العالم أكد شبر: في مفارقة تاريخية استثنائية، استطاع الإمام الخميني (قدس سره) أن يخترق حدود الزمان والمكان، ويترك أثرًا عظيمًا على تاريخ العالم بأسره، وليس فقط على الشعب والأمة الإيرانية. ويمكن تفسير هذا التأثير العالمي بعدة أسباب تبرز عبقرية رؤيته وتصميمه الثابت على تحقيق العدالة والحرية.
وأضاف: على مستوى الرؤية العالمية، كان للإمام الخميني (قدس سره) تفكيرٌ واسع المدى يتعدى حدود القومية والجغرافيا، إذ كان يسعى لنصرة المظلومين والمستضعفين في جميع أنحاء العالم. و اهتمامه بالمسائل العالمية كالاستعمار والظلم الاجتماعي والاقتصادي، كان واضحًا وملموسًا. بالإضافة إلى ذلك، دعا الإمام الخميني (قدس سره) إلى تعزيز التعاون بين الأمم والتحرر من أسر الاستعمار والاستكبار العالمي.
واستمر بالقول: وعلى صعيد الدعوة الثقافية والدينية، قدم الإمام الخميني (قدس سره) رؤيةً شاملةً للإسلام وتطبيقه العملي في حياة الناس. وقاد حركة إسلامية تدعو إلى تحقيق العدالة والمساواة والحرية في المجتمعات الإسلامية والعالم. وتأتي هذه الدعوة بما فيها من تطلعات وأفكار واضحة بالفعل للمسلمين في العديد من البلدان، حيث وجدت صدىً قويًا وألهمت الكثيرين للعمل من أجل تحقيق هذه القيم.
وأردف السيد عباس شبر: لا يمكن النظر إلى تأثير الإمام الخميني من دون الإشارة إلى الثورة الإسلامية في إيران. إن هذه الثورة التي قادها الإمام الخميني (رضوان الله عليه)، لم تكن مجرد ثورة محدودة المدى تؤثر فقط على إيران، بل كانت تحولًا تاريخيًا يلقى صداه في المشهد السياسي والاجتماعي العالمي. فقد كانت تلك الثورة نموذجًا فريدًا لتحقيق تغيير جذري بطرق سلمية، واستدعت الاهتمام والاحترام من قبل العديد من الدول والشعوب.
وأضاف بالقول: وأخيرًا، لا يمكن الحديث عن تأثير الإمام الخميني (قدس سره) دون الإشارة إلى الثقل السياسي الذي حظي به بعد الثورة الإسلامية. فقد تأسس نظام إيران الإسلامي الجديد بفضل القيادة الحكيمة للإمام الخميني (رضوان الله عليه)، وكان لهذا النظام تأثيرٌ كبيرٌ على الشؤون الإقليمية والدولية. وبفضل تحمله للمسؤولية واستقلاليته، نجح النظام الإسلامي في إيران في الدفاع عن القضايا العادلة والحرية والكرامة الإنسانية، وكان له صوتٌ قويٌ في المحافل الدولية.كما لا نغفل أنه بفكره الثوري وتصميمه على تحقيق العدالة والحرية، استطاع الإمام الخميني (قدس سره) أن يترك أثرًا لا يُنسى على تاريخ العالم. إن إرثه الثقافي والسياسي لا يزال يؤثر في الأفكار والحركات في العالم، حيث يُسهم في تحقيق العدالة والتغيير الإيجابي.
وفيما يخص اجتياز الثورة الاسلامية للحدود وابتعادها عن العصبية الدينية قال السيد شبر: يعتقد الإمام الخميني (قدس سره) بأهمية مبدأ "ولاية الفقيه"، وهو مفهوم يقترح أن يكون هناك قائد مؤهل بلغ مرحلة الإجتهاد الفقهي يشرف على الشؤون السياسية والدينية للدولة الإسلامية. وفي هذا الإطار، كما يعتبر الإمام الخميني (قدس سره) أن الشعب هو المصدر الحقيقي للسلطة وأنه يجب أن يكون له دور فاعل في اختيار القادة الذين ينتخبون.
ورأى السياسي البحريني: تسعى تجربة الثورة الإسلامية في إيران لتحقيق مبادئ الديمقراطية ومشاركة الشعب في صنع القرارات، حيث تنظم الانتخابات الشعبية لاختيار القادة السياسيين والتشريعيين. وتؤكد على أهمية مشاركة الشعب في صنع القرارات الحكومية.
وأضاف: مع ذلك، يجب أن نذكر أن تجربة الثورة الإسلامية في إيران تعتبر فريدة ومبتكرة في تطبيق نظام يشبه إلى حد كبير النظم الديمقراطية في الشكل ولكنه في إطار إسلامي. فالنظام الإسلامي يحترم ويتأكد من أن السلطة الشعبية يجب أن يشارك في اختيار من يمثلها بما يتماشى مع القيم والمبادئ الإسلامية والشرعية. على هذا يمكننا القول أن الإمام الخميني (قدس سره) نظر إلى مفهوم حكم الشعب بطريقة فريدة ومبتكرة، وتجربة الثورة الإسلامية في إيران تسعى لتحقيق مبادئ متشابهة مع الديمقراطية والمشاركة الشعبية وفقًا للقيم والمفاهيم الإسلامية.
وأردف: نظرًا لأن الإمام الخميني كان من علماء الدين وقائد روحي فإنه يولي أهمية كبيرة للدين وتطبيق قوانين الشريعة في الحكم بحسب ما يتبناه من آراء وفقاً لنظريته في الحكم. وكذلك هو مؤمن بفكرة أن الدين والعقل يجب أن يتعاونا في توجيه شؤون المجتمع وصنع القرارات الحكومية. يعتبر العقل والتفكير النقدي أدوات ضرورية لفهم الدين بشكل صحيح وتطبيقه في الحياة السياسية والاجتماعية.
وعن هدف القوى الكبرى وعملائهم في البلدان الإسلامية ببث التفرقة بين المسلمين وکیف أحبط الإمام الخميني هذه المؤامرة، صرح عباس شبر: بلور الإمام الخميني (قدس سره) استراتيجية متعددة الأوجه لتحقيق أهدافه في التصدي للقوى الكبرى وعملائها ومنع بث الفرقة بين المسلمين في البلدان الإسلامية. وقد تميزت جهوده بالتركيز على التوحيد والوحدة والتضامن والمقاومة ضد الظلم والهيمنة الاستعمارية. بالإضافة إلى ذلك، رفض الإمام الخميني ( قدس سره) بقوة أي تدخل خارجي في شؤون البلاد الإسلامية وأكد على أهمية استعادة السيادة والاستقلال الحقيقي لتحقيق مصالح الأمة الإسلامية. ومن خلال توجيه الدعوة للمسلمين بجميع أنحاء العالم إلى التضامن والتعاون، حاول الإمام الخميني (قدس سره) تعزيز الوحدة وإنشاء تحالفات قوية بين البلدان الإسلامية.
وتابع: كما أيضًا، تعزز رؤية الإمام الخميني للعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع فئات المجتمع، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو القومية. ومن خلال الدفاع عن حقوق المظلومين والمساعدة على تحقيق العدالة، وساهم الإمام الخميني ( رضوان الله عليه) في تعزيز التضامن بين المسلمين وتجاوز الفرقة الناجمة عن الانقسامات.
وأوضح الباحث السياسي البحريني : بالاعتماد على هذه الإستراتيجية المتعددة الأوجه والمبادئ المبنية على التوحيد والوحدة والعدالة، قد نجح الإمام الخميني ( رضوان الله عليه) في تحقيق تأثير قوي ومستدام في منع بث الفرقة بين المسلمين وإسقاط هدف القوى الكبرى وعملائها في البلدان الإسلامية. ومن خلال هذا الإرث، استطاع أن يترك أثرًا عظيمًا على تاريخ العالم وتعزيز الوحدة والتضامن بين المسلمين.
وكما أشار إلى دور مبادئ الديموقراطية في ثورة الإمام الخميني قائلا: أثبت الإمام الخميني (قدس سره) أن التجربة الثورية التي قادها في إيران لم تكن مجرد تحقيق لأهداف سياسية محددة، بل كانت تجربة فريدة تستند إلى مبادئ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية. وبفضل دعم الشعب الإيراني وتفانيهم في الدفاع عن حقوقهم، تمكن الإمام الخميني ( قدس سره) من إقامة هذا النظام المبني على العقل والدين والحكمة في الإدارة ولقد تم تحقيق هذا من خلال تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران والتي تتميز بأسس مشابه للديمقراطيات الحديثة إلا انها تتميز عليها بأنها متوافقة مع الشريعة ومنسجمة مع بيئتها الإسلامية كونها تتضمن استشارة الشعب والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات السياسية والمجتمعية، وبهذا تمتعت إيران بنظام انتخابي يسمح للشعب بإختيار قادته وممثليه في المؤسسات السياسية.
وفيما يتعلق بتمتع الإيرانيين بحقوق وحريات دينية شرح شبر: في إطار حرية الرأي والتعبير، يتمتع المواطنون الإيرانيون بحقوق وحريات دينية مضمونة، ويُسمح لهم بممارسة طقوسهم الدينية واتباع معتقداتهم بحرية. تشجع الحكومة على التفاهم والحوار بين مختلف الطوائف والأديان، وتحرص على حماية حقوق الأقليات الدينية في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الإرادة الشعبية والمشاركة الشعبية في صياغة السياسات العامة والمساهمة في تحقيق التقدم والتنمية أساسًا في تجربة الإسلامية في إيران. يتم تشجيع المواطنين على المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والمجتمعية، وتوفير الفرص المتساوية للجميع للمشاركة في العملية الانتخابية.
وحول نظرة الإمام الخميني (رضوان الله عليه) لمفهوم الحريات الدينية قبل وبعد انتصار الثورة في إيران رأى رئيس دائرة الحريات الدينية في منظمة السلام البحرينية: بعد الثورة الإسلامية في إيران، كان للإمام الخميني (رضوان الله عليه) رؤية فريدة لمفهوم الحريات الدينية وتعزيزها في إطار النظام الإسلامي الجديد. وقد أكد على أهمية حقوق الأفراد في ممارسة ديانتهم وتعبيرهم عن اعتقاداتهم الدينية بحرية ومساواة. وفي سياق هذه الرؤية، أشار الإمام الخميني (رحمه الله) إلى أهمية احترام حقوق الأقليات الدينية وضرورة تمكينهم من ممارسة عقائدهم بحرية. وعزز قيم المساواة والعدالة في المجتمع الإيراني الجديد، مع رفضه لأي تمييز ديني أو مذهبي.
وأضاف: ومن أجل تحقيق ذلك، أكد الإمام الخميني ( قدس سره) على أهمية القوانين الإسلامية وتوافق الحريات الدينية مع المبادئ الإسلامية. وأعرب عن رغبته في تحقيق توازن بين حرية الممارسة الدينية والحفاظ على القيم الإسلامية في المجتمع وعلاوة على ذلك، أكد الإمام الخميني (رحمه الله) على أهمية استقلالية القرار السياسي والديني للشعب الإيراني، ورفض أي تدخل خارجي في شؤون البلاد الإسلامية.
وأنهى عباس شبر حديثه قائلا: يمكن القول أن الإمام الخميني (رضوان الله عليه) كان ينظر إلى مفهوم الحريات الدينية باعتباره أساسًا هامًا للتحقيق في إطار النظام الإسلامي الجديد وعبر عن رغبته في تمكين الأفراد من ممارسة ديانتهم وتعبيرهم عن اعتقاداتهم الدينية بحرية ومساواة، مع الحفاظ على القيم والمبادئ الإسلامية في المجتمع الإيراني وأكد ( رضوان الله عليه) على ضرورة احترام حقوق الأقليات الدينية ورفض أي تمييز ديني أو مذهبي. وأعرب عن رغبته في تحقيق توازن بين حرية الممارسة الدينية والقوانين الشرعية الإسلامية، مع تأكيده على استقلالية القرار السياسي والديني للشعب الإيراني.
الحوار: معصومة فروزان