السعودية... وتثبيت زعامتها للعالم العربي من لبنان!
إيران تلكس - خاضت السعودية معركة السيطرة على عرش الزعامة للعالم العربي، طوال عقود ولم تستطع الفوز، حيث اصطدمت مع الناصرية بزعامة الرئيس "عبد الناصر" الذي استطاع تثبيت زعامته العربية ثم اصطدمت بثلاثية "مصر وسوريا والعراق" التي تشكّل مثلث القوى العربية الفاعلة بقدراتها وزعاماتها والتي كانت في خصومة سياسية مع السعودية منذ استقلالها وحتى غياب حكامها من الرئيس عبد الناصر وحافظ الأسد وصدام حسين وفي فتره اشترك معمر القذافي في المشاغبة والخصومة معها .
تغيّرت السعودية من الداخل على مستوى المنظومة الدينية، حيث انتقلت من "هيئه الأمر بالمعروف" الى "هيئة الترفيه " وتغيّرت في الخارج، فغادرت العمل خلف الكواليس وبقفازات الى العمل العسكري المباشر في حربها على اليمن، فقد بادرت الآن وضمن معركة تغيير معالم الشرق الاوسط وبشكل لا يشبه تاريخها السياسي وبدأت العمل المباشر، بواسطة الموفدين، لتحقيق مطالبها السياسية، خاصة بعد فشلها في اليمن وتجاوز تركيا للخطوط الحمر على مستوى الجغرافيا العربية وعلى مستوى المنظومة الدينية، بدعمها لجماعة "الأخوان المسلمين" والجماعات التكفيرية واستطاعت ان تكون: القائد والمرشد لأكثر من دوله عربية وصاحبة القرار في سوريا والتدخل في العراق ومصر وتونس وليبيا وغزه(حماس) في فلسطين!
بدأت السعودية تشعر بالخطر الحقيقي من التوسّع التركي في العالم العربي، مما سيؤدي الى تراجع الدور السعودي على المستويين العربي والاسلامي ويلغي إمكانية زعامتها السياسية وانحسار دورها الى "بئر للنفط"، مما استدعى العمل السريع في لبنان وإعتباره ساحة خاصة بالسعودية وبشكل مباشر بسبب غياب القيادة الجامعة والمؤثرة للطائفة السنية، مما زاد من وجوب حضورها المباشر مع دعم وتسهيل أميركي كجائزه ترضية عن سوريا ولإحداث التوازن بينها وتركيا، لمنع التمدّد التركي في لبنان من بوابتي الشمال والبقاع.
ستقاتل السعودية لحفظ دورها ورعايتها في لبنان بعد خروجها لأكثر من عقدين، بسبب الحاجه الإستراتيجية، ليكون لبنان من حصتها بسبب موقعه" الجيو_سياسي" وديناميته والإطلالة من خلاله على القضية الفلسطينية وسلاح المقاومة والوضع الداخلي في سوريا ونافذة للتواصل مع إيران وكما تتعاطى اميركا مع لبنان، كمركز قيادة لها على المستوى السياسي والأمني لإدارة الشرق الأوسط من "بيتها الأبيض الفرعي" في "عوكر" فسيكون لبنان ايضا قاعدة سعودية سياسية، إما للحوار أو التصادم مع الأطراف التي تنافسها وبشكل خاص مع تركيا وإيران.
ان المصلحة السعودية تقتضي، فتح نوافذ التواصل والحوار مع كل الطوائف والقوى السياسية اللبنانية، للتعاون، حيث تطمح السعودية، لأخذ الدور السوري في لبنان دون تواجد عسكري وإستبداله بالوجود المالي(الذي يحبّه السياسيون اللبنانيون) والإقتصادي وفي حال نجحت السعودية، بتثبيت دورها في لبنان، فسيتعزز دورها في سوريا والعراق، بالتلازم مع إمكانية التصادم مع تركيا ضمن الصراع على زعامة العالم العربي والإسلامي وستستفيد من تقاطع المصالح مع ايران ضد تركيا للتحالف معها والتنسيق في الساحة اللبنانية والعراق.
منحت اميركا، السعودية مهمة إدارة الملف اللبناني، بتفاصيله السياسية ويبدو ان السعودية، قد استفادت من تجربه الإدارة السورية للبنان التي تقوم على عدم النقاش مع السياسيين اللبنانيين، بل تعتمد فرض القرارات او شرائها "ماليا" وتقصير المهل، للتنفيذ وربط كل القوى المتخاصمة بالخيط السعودي في المرحلة المقبلة.
هل تستغل السعودية الفرصة التاريخية، للتقدم وتثبيت زعامتها للعالم العربي بغياب القادة التاريخيين وعدم وجود الدول القوية في( مصر وسوريا والعراق)؟
هل سيقبل اللبنانيون التعامل مع الإدارة السعودية والإستفادة من عطاءاتها ومكرماتها؟
تؤشر نتائج إنتخابات رئاسة الجمهورية وتكليف رئيس للحكومة الى نجاح الإدارة السعودية للملف اللبناني عبر عدم النقاش وعدم تمديد المهل واتّباع منظومة المراسيم الملكية ومزجها بالنموذج اللبناني(إدفع ...تأخذ القرار الذي نريد)!
ان الطرح السعودي، يعتمد على تبادل المصالح مع لبنان، فيربح لبنان ماليّاً واقتصادياً وتربح السعودية سياسياً... فهل سيكتب لهذه المعادلة النجاح والإستمرارية؟