منع الإعمار... عقاب دولي لأهل المقاومة
إيران تلکس - تعرّضت المقاومة وأهلها في حرب "الستين يوماً" لحرب شرسة ومتوحشة، لا زالت مستمّرة على المستوى الميداني والمالي والإعلامي والسياسي وقد تمايزت هذه الحرب الإسرائيلية_الأمريكية على لبنان عن سابقاتها منذ احتلال فلسطين على مستوى الخسائر البشرية والمادية او لجهة الأساليب التي اعتمدت، التدمير الشامل للقرى المساجد والكنائس والمقابر وتجريف الحقول في عملية منظّمة ومخطّطة، لتغيير هوية جنوب لبنان على المستوى الديموغرافي والثقافي والحضاري، ضمن العمليات الشاملة لتغيير معالم الشرق الأوسط.
يمارس العدو ميدانياً، العقاب الشامل للبشر والحجر والشجر وإعتبار أهل المقاومة وبيوتهم وكرومهم ومساجدهم مراكز عسكرية، فوفق التوصيف الإسرائيلي، لا مدنيين ولا مراكز مدنية في طائفة المقاومة، فكل من يعلن دعمه وتأييده، للمقاومة ويرفض نزع سلاحها، فهو مقاوم مسلّح ويجب نزع سلاحه المتمثل بروحه ولسانه وصوته وبيته ومزرعته، ويقيم العدو الإسرائيلي "الهولوكوست اللبناني" ضد المقاومين وأهلهم، فيحرق بيوتهم وحقولهم وكرومهم وكل ذكرياتهم وكل صورهم ويعتقلهم الآن في المعتقل الكبير المسمى "الحصار "!
يقوم العدو، بالتحالف مع أميركا والغرب وبعض العرب، بالعقاب الجماعي، لأهل المقاومة ويمنع وصول الأموال المخصصة،لإعمار ما هّدمه الإحتلال حتى ينقلب أهل المقاومة على أبنائهم المقاومين وحتى يبقى أهل المقاومة مشرّدين في وطنهم وخارجه ونازحين في الخيام والبيوت البعيدة، لتثبيت المنطقة العازلة الخالية من السكان ومن الشجر ومن المقابر ايضاً،لأن العدو مع كل قوته لا يؤمن بتحقيق الأمن من لبنان، طالما هناك طفل او عجوز لم تغادر بيتها على الحدود وعليه ان يقيم الشريط العازل، فإن لم يستطع فرضه بالنار او بإتفاقات وقف النار، فإنه يعمل لتأجيل عودة الناس عبر تأجيل إعادة الإعمار، لخمس سنوات او عشر سنوات من خلال منع التمويل، فالدولة اللبنانية قاصرة ومقيّدة والعرب ممنوعون من الدعم، إلا بإذن أميركي وامريكا لا تسمح بالإعمار، إلا بمقايضته، بتسليم السلاح والموافقة على السلام مع اسرائيل سواء بإتفاقية واضحة، كإتفاق 17 أيار أو باتفاقيات هدنة طويلة الأمد، متلازمة مع اتفاقيات منفصلة مثل إتفاقيات الغاز في "كاريش" وبعدها إتفاقيات ترسيم الحدود البرية وربما فيما بعد، تقاسم المياه في شبعا والليطاني!
إن المقاومة وأهلها أمام خيارين:
الخيار الاول: الإستسلام والتسليم بالأمر الواقع الذي تميل كفّته الآن، لصالح المشروع الأميركي، مما يعني خسارة كل الإنجازات والتضحيات وعدم ضمان المستقبل بعد تجربة السلطة الفلسطينية والنظام المصري او الأردني، بالإضافة الى تعارضه مع الاعتقاد الديني الذي تؤمن به المقاومة وأهلها الذي يمنع الإعتراف بإسرائيل والسلام معها.
الخيار الثاني: الصمود وتحمّل مصاعب الحصار والتي يمكن ان تضيّق الخناق معيشياً وربما تطول، لكنها ستؤدي الى حفظ التضحيات و حفظ المستقبل ايضاً، بشرط التعامل مع الظروف والاوضاع بواقعية وحكمة وشجاعة ودون خوف ودون مغالاة وعدم تحميل المقاومة لنفسها وأهلها مسؤوليات حفظ الأمة الصامتة أو المتآمرة وان يكون هدفها الأساس الآن حفظ نفسها بعد نجاتها من الحرب، بإنتظار الظروف الافضل على مستوى الأمة.
يمكن كسر مشروع منع الإعمار اذا استطاعت المقاومة وأهلها إدارة الملف بحكمة وتخطيط ودون استعراض او إعلام غير ذكي وفق التالي :
1. المبادرة السريعة، عند كل إنسحاب إسرائيلي للعودة المنظّمة للقرى، بالتنسيق مع الجيش والبدء بتثبيت بيوت جاهزة لإدارة ورش الإعمار او حتى للناس القادرين وبدء زراعة الحقول والأشجار.
2. البدء ببناء المسجد،كأول بناء في الضيعة وترميم مقابرها التي حاول الإحتلال محو هويتها.
3. توجيه المقاومين الى العمل في إعمار القرى وزراعة الحقول وفق منظومة "جهاد الإعمار" .
4. فتح باب التطوع للشباب وللإختصاصيين، لإعمار القرى ليكون الطلاب عمّال بناء وعمال الزراعة وعمال ترميم، دون ان يتقاضوا من الناس أجورهم وليكونوا مقاومين على جبهة الإعمار عبر المخيمات التطوّعية التي يمكن ان تضم شباباً وشابات من خارج إطار المقاومة التنظيمي ومن بقية الطوائف والأحزاب الأخرى وربما من الشباب العرب والمسلم وهذا لا يمكن منعه فلا هو حقيبة مال وإنما حقيبة عمل وجهد وعلم ومعرفة.
لنكسر "حصار الإعمار" دون خوف ودون تردد ونحن المولودون من أودية الحصار في شعاب مكة ومن صحارى الحصار في كربلاء... ومع ذلك إنهزم المُحَاصرون...